الأحد، 7 يونيو 2015

مجلس الدولة / مبدأ القانون الأصلح للمتهم

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد المستشار عادل عبد العزيز بسيونى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة على فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وثروت عبد الله أحمد والدكتور عبد الرحمن عزوز المستشارين.

* إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 3 من يناير سنة 1979 أودع السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 104 لسنة 25 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1978 فى الدعوى رقم 350 لسنة 6 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيدة / ............ والقاضى بمعاقبتها بخصم شهر من راتبها عن التهمة الثانية المنسوبة إليها وببراءتها من التهمة الأولى.
وطلبت هيئة مفوضى الدولة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون والقضاء بالجزاء التى تراه المحكمة الإدارية العليا مناسبا.
وبعد أن تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالجزاء الذى تراه المحكمة الإدارية العليا مناسبا.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من فبراير 1984 - وبجلسة 8 من أكتوبر 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1986 وبجلسة 20 من ديسمبر 1986 استمعت المحكمة لما رأت لزوما للاستماع إليه من إيضاحات ذوى الشأن ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق أنه فى 13 من أكتوبر 1977 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق الدعوى التى قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 350 لسنة 6 القضائية تقرير إتهام ضد السيدة / .............. المدرسة بمدرسة مصطفى كامل الابتدائية نسب إليها فيه أنها خلال المدة من 18/4/1976 وحتى 4/7/1977 خالفت القانون وسلكت مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب بأن:
1- انقطعت عن عملها فى غير حدود الأجازات المقررة قانونا.
2- قدمت لمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية قسم الهجرة شهادة إدارية وإقرار على نفسها أنها غير موظفة على خلاف الحقيقة توصلا لمغادرة البلاد دون اتباع الطريقة القانونية على النحو الموضح بالأوراق. وخلصت إلى أنها بذلك تكون قد ارتكبت المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمواد 42، 50، 52/2، 55/1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتها بالمواد المذكورة وبالمادتين 57، 58 من نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وبالمادة 14 من القانون رقم  117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1978 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه ويقضى ببراءة المحاكمة من التهمة الأولى وبمجازاتها بخصم شهر من راتبها عن التهمة الثانية.
وأقامت قضاءها فيما يتعلق ببراءتها من التهمة الأولى على أن المادة 69 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والذى يتعين تطبيقه على النزاع المطروح عليها طبقا لمقتضى الأثر الفورى للقانون وعملا بقاعدة تطبيق القانون الأصلح للمتهم - قد جعلت من الأجازة الخاصة لمرافقة الزوج حتما مستمدا مباشرة من القانون رخصة للسلطة التقديرية من جانب جهة الإدارة فى جميع الأحوال متى تحقق المناط وهو طلب العامل أجازته لمرافقة الزوج الذى رخص له فى السفر إلى الخارج مدة لا تقل عن ستة أشهر وبذا أصبح الانقطاع لهذا السبب انقطاعا مشروعا.
ومن حيث أن الطعن يتناول قضاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من براءة المطعون ضدها عن الاتهام الأول المستند إليها ويقوم الطعن على أن الحكم المذكور قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وذلك أن باقراره نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون 47 لسنة 1978 من أحقية العامل فى الحصول على أجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج لا يعطى للعامل الحق فى الانقطاع دون موافقة السلطة المختصة بمجرد أن تتوافر له شروط هذه الأجازة وإلا اعتبر منقطعا بغير إذن.
ومن حيث أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها من أنها انقطت عن عملها فى المدة من 18 من إبريل 1976وحتى 4 من يوليو سنة 1977 فإن مفاد الأوراق والتحقيقات ان المذكورة كانت قد حصلت على أجازة مرضية تنتهى فى 10 من أغسطس 1976 انقطعت بعدها عن عملها وعند استدعائها لم تحضر وارسل والدها إلى جهة عملها ما يفيد أنها سافرت إلى الخارج مع زوجها المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية كما أرسل أيضا طلبا لمنحها أجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها بالخارج. وقد رفضت الجهة الإدارية الموافقة على هذه الأجازة تنفيذا للتعليمات التى تجيز منح أجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج المتعاقد وإذ لم تعد إلى عملها فقد أحالتها الجهة الإدارية للتحقيق الذى انتهى إلى تقديمها إلى المحكمة التأديبية.
ومن حيث أن المادة 48 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 والذى وقعت المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها فى ظل العمل بمقتضاه على أنه يجوز للسلطة المختصة الموافقة على طلب العامل بمنحه أجازة خاصة بدون أجر للمدة التى تحددها فى الأحوال الآتية :-
1- للزوج أو الزوجة إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل ولا يجوز أن تجاوز الأجازة مدة بقاء الزوج فى الخارج.
2- للأسباب التى يبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة حسب مقتضيات العمل.
ومفاد هذا النص، حسبما جرى به قضاء هذه المحكمة ان الأجازة الخاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج فى ظل أحكام القانون المشار إليه هو أمر جوازى لجهة الإدارة. تترخص بمقتضاه فى منح تلك الأجازة من عدمه، حال توافر الشروط المتطلبة قانونا لمنحها وذلك حسبما تمليه إعتبارات الصالح العاوم وحسن سير المرافعة العامة ومن ثم فإنه إذا انقطع العامل عن عمله ارتكانا إلى أنه قد قدم طلبا للترخيص له فى الحصول على هذه الأجازة وقبل أن توافق عليه السلطة المختصة فإنه بذلك يكون قد ارتكب مخالفة الانقطاع عن العمل دون إذن بما يستتبع عقد مسئوليته عنها ومجازاتها عليها.
وحيث أنه متى كان ما تقدم وكان الثابت بأن السيدة / ............. لم تعنى بتقديم طلب للحصول على أجازة خاصة لمرافقة زوجها قبل انقطاعها واكتفت بأن يقوم والدها طلبا لمنحها هذه الأجازة وذلك بعد أن انقطعت عن عملها وسافرت مع زوجها المقيم بالخارج وإذ لم يصادف هذا الطلب من عدمه على ما سلف بيانه فإن انقطاعها عن العمل بعد انتهاء الأجازة المرضية التى سبق حصولها عليها يشكل الأمر بذلك مخالفة فى حقها لا ينفى وقوعها الطلب الذى تقدم به والدها لمنحها أجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها المقيم بالخارج ولا يغير من ذلك ما قضت به الفقرة الأولى من المادة 19 من نظام العاملين المدنيين بالدولة. الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التى جعلت من الأجازة الخاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج حقا يستمده العامل من القانون مباشرة ولا تملك حياله جهة الإدارة سلطة الحرمان منه حالى توافر الشروط المتطلبة قانوناً فى العامل الذى يبدى الرغبة فى التمتع بهذا الحق وذلك أن هذا الحق وقد تضمنه القانون رقم 47 لسنة 1978 الذى عمل به بعد وقوع المخالفة وتحاصها لا ينال من قيام تلك المخالفة ومسئولية مرتكبها كما ذهب إلى غير ذلك الحكم المطعون فيه. إعمالا بما هو مقرر فى المادة 5 من قانون العقوبات من تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم إذ العبرة فى اعتبار ما إذا كان مسلك العامل يشكل مخالفة تأديبية من عدم هو بأحكام القانون السارى وقت صدور هذا المسلك الذى ينظر إلى مشروعيته من عدمه وفقا لأوضاع القانونية المقررة آنذاك وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية ولا تعد من هذا القبيل النصوص المقررة لإجراء إدارى يتحدد على مقتضاه المركز القانونى للموظف العام فى مجالات العلاقة الوظيفية وهو إجراء لا ينطوى على جزاء جنائى.
ومن حيث أنه بناء على ما تقدم تكون مخالفة الانقطاع عن العمل فى غير الأحوال المقررة قانونا المنسوبة إلى المحالة ثابتة فى حقها ويتعين لذلك بمجازاتها عنها إذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وأصبح خليقا بإلغائه فى هذا الشق ومجازاة المحالة بالجزاء المناسب.
ومن حيث ان لما تقدم من أسباب فإنه يتعين قبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المحالة السيدة/ ............ من مخالفة الانقطاع عن العمل فى غير الأحوال المقررة قانونا ومجازاتها بالفصل من الخدمة بذلك مراعاة أن وكيلها قرر أمام المحكمة التأديبية بجلسة الأول من أكتوبر 1978 أن موكلته غير راغبة فى العودة إلى العمل الأمر الذى تعتبر معه المذكورة كارهة لوظيفتها وعازفة عنها.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المحالة السيدة / ........... عن مخالفة الانقطاع عن العمل فى غير حدود الأجازات المقررة قانونا وبمجازاتها عن هذه المخالفة بالفصل من الخدمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 17/1/1987 فى الطعن رقم 658 لسنة 21 ق الذى قضى فيه بأن مفاد نص المادة (69/1) من القانون رقم 47 لسنة 1978 أن المشرع أوجب على جهة الإدارة الاستجابة لطلب الزوج أو الزوجة فى الترخيص له بأجازة بدون مرتب إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة ستة أشهر على الأقل بشرط ألا تجاوز هذه الأجازة مدة بقاء الزوج فى الخارج وألا تتصل الأجازة بإعارة إلى الخارج - متى سبق للجهة الإدارية أن وافقت على تلك الأجازة وامتدت مدة بقاء الزوج فى الخارج قانونا فلا يجوز لجهة الإدارة أن تعلق تجديد الأجازة على صدور قرار بالموافقة على التجديد - تطبيق.





0 التعليقات:

إرسال تعليق